تعديلات الدستور .. والثقة بالحكومات

عين نيوز- كتب – فتح منصور /
التوصيات التي تقدمت بها اللجنة الملكية لتعديل الدستور لم تحظ بالتوافق الذي كانت تأمل به.. فتعرضت للنقد من قبل قوى سياسية وشخصيات عامة وخبراء قانونيين ومن مؤسسات مجتمع مدني، لكن الانتقادات لم تقلل من ايجابية التوصيات المقترحة ولكنها ركزت على عدم كفايتها.
والواقع يشير إلى أن هذه التوصيات لو قدمت قبل عام أو حتى قبل ثمانية شهور أو حتى ستة شهور ربما لحظيت بتوافق عام واعتبرت انجازا تاريخيا حقيقيا. والمشكلة كما يبدو أن نعيد نفس أخطاءنا وأخطاء غيرنا.. فلم يعد كافيا في ظل الربيع العربي ان نلحق بالشارع أو حتى أن نسير معه لنتجنب غضب الشارع وتحركه.. والحل أن تسبق الشارع فتقدم له إصلاحا حقيقيا بأكثر مما يطلب حتى تقنعه بأهليتك بان تكون قيادة له وتقدم نموذجا مختلفا في التغيير والإصلاح السلمي الديمقراطي.
الانتقادات والملاحظات التي قدمت على التوصيات في اغلبها مهمة جدا وذات وجاهة، فاللجنة على ما يبدو أغفلت عددا من التعديلات الضرورية لتحقيق إصلاح شامل حقيقي في الحياة السياسية.
وقد تكون بعض المقترحات التي قدمت مثل صلاحيات جلالة الملك وآلية اختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة وآلية اختيار مجلس الأعيان قضايا رغم أهميتها لا تحظى بالتوافق المطلوب وحولها جدل وترى اللجنة أن ظروفها لم تنضج بعد، لكن بالمقابل هناك مقترحات لو نوقشت ستحظى بتوافق ورضا حتى القصر لان ظروفها نضجت منها على سبيل المثال آلية منح الثقة بالحكومات إضافة إلى إدخال بعض النصوص التي تعزز الحريات والتزام الأردن بالمواثيق الدولية وكذلك بعض التعديلات على النصوص المقترحة من اللجنة الملكية.
فليس من المعقول مثلا أن يبقى مبدأ الثقة بالحكومات معكوسا، فالحكومة الآن ووفق الدستور تكلف من قبل الملك وتذهب للبرلمان ليس للحصول على الثقة إنما للمصادقة عليها.
وللتوضيح أكثر فان الحكومة لا تحتاج لثقة الأغلبية ويكفيها أن لا يحجب الثقة عنها الأغلبية، فلو افترضنا أن الحكومة صوت بحجب الثقة عنها 60 نائبا وامتنع الـ 60 الآخرين دون أن يمنحها أي نائب ثقة فإنها لن تسقط دستوريا وتعتبر حاصلة على ثقة المجلس، أي أنها يمكن أن “تحصل على الثقة” بدون أن تحصل على صوت، وهذا مبدأ معكوس بل اعوج..
دور مجلس النواب حاليا في الثقة يقتصر بحجب الثقة وليس منحها..وقد بات من الضروري ونحن نتحدث عن توازن السلطات وعن تعزيز مبدأ “الشعب مصدر السلطات” أن نفعل مبدأ منح الثقة عبر إلزام الحكومة ان تحصل على ثقة الأغلبية المطلقة لمجلس النواب أي النصف + 1 من عدد أعضاء مجلس النواب.
اللجنة الملكية لم تنتبه لهذا النص واعتبرت أن النتيجة واحدة، فأي حكومة لا تحصل على الأغلبية ستكون فاقدة للشرعية السياسية ومن الصعب ان تبقى في الحكم حتى لو كانت حاصلة على شرعية دستورية.. وجلالة الملك لن يبقي الحكومة وسيغيرها.. وإذا كان ذلك صحيحا فما الضير في أن يكون ذلك منصوص عليه في الدستور.
تعديل هذه المادة في الدستور سيسهم في إرساء مبدأ الحكومات البرلمانية وتكليف الأغلبية النيابية أو على الأقل منح الأغلبية دور في التشكيل.. وقد يخفف من مطالبات الإسلاميين في ضرورة النص في الدستور على تكليف الأغلبية النيابية بتشكيل الحكومة.
وبالطبع فان النقد الذي يطال توصيات اللجنة لا يقلل من أهمية عملها ومخرجاتها، فهي تمثل تقدما حقيقيا على مسار الإصلاح وتخطو بنا خطوات للإمام، ويكفي أن الإشارة إلى أنها كسرت فكرة “قدسية الدستور” وأكدت على مبدأ إمكانية تعديل الوثيقة الأهم في النظام القانوني للملكة، فتعديل الدستور وحتى بداية العام الجاري وقبل ربيع الثورات العربي كان محرما بنظر الحكومات وبعض القوى في مراكز صناعة الإقرار. وقبل أكثر من ست سنوات اجتهدنا في جريدة الحدث الأسبوعية لإعداد تحقيق عن التعديلات الدستورية المطلوبة لتحقيق الإصلاح وتعزيز سلطة مجلس النواب، وجوبهنا حينها بعاصفة من الهجوم.. وكثير من الساسة الذين ينظرون الآن مع التعديلات رفضوا الحديث معنا في الموضوع باعتباره تجاوزا للخطوط الحمراء وبعضهم اعتبره مخالفا للدستور واعتداء عليه.
ولأهمية خطوة التعديلات الدستورية من المهم أن تنضج بأكثر قدر من التوافق ولتحقق أقصى إصلاح ممكن، ولذلك يبدو انه لا ضير في أن تقوم الحكومة بإدارة حوار سريع ضمن برنامج زمني قصير لا يتجاوز أسبوع إلى اثنين بأقصى حد قبل إحالة التعديلات إلى مجلس النواب. وما عبر عنه النائب بسام حدادين في رسالته إلى رئيس الوزراء هو عين الصواب.. فليس من المعقول تجاهل رأي النواب في الوثيقة الأهم، خاصة وأنهم لن يستطيعوا مناقشة تعديلات لم تقدم لهم من الحكومة، وقانون البلديات خير دليل على ذلك.
لذلك يبدو مقترح الزميل فهد الخيطان رئيس تحرير العرب اليوم في مكانه وهو يدعو إلى عقد خلوة دستورية تضم أعضاء اللجنة مع خبراء قانونيين وقيادات الأحزاب والنواب والأعيان والحكومة.
لا نعتقد أن الخطوة ستجد معارضة من قبل اللجنة الملكية التي عبر عدد من أعضائها عن تفهمهم للملاحظات التي طرحت.. بل ربما تسهم في تعزيز الدعم لها برلمانيا وحزبيا وحتى شعبيا.. وكما قال النائب بسام حدادين لا ضير من أسبوع إضافي لتحقيق هذا التوافق على أهم وثيقة في الإصلاح السياسي.. لكن بشرط أن لا تتخذ الحكومة منها فرصة للمماطلة وإطالة المدة الزمنية لأكثر من ذلك أو لتأخذها فرصة للتنصل من تعديلات لا تؤيدها.
الأردن على مفترق طرق.. والإصلاح الدستوري سيضع الأردن على أول طريق الإصلاح الحقيقي الذي انتظرناه منذ سنوات طويلة.
اموت واعرف المنحة الي ب30 الف دينار وين راحت مقابل بيان
عين نبيوز فيه عندكم ماده عن سحب جوزات وينها؟
زمان عنها