عين نيوز- ياسر أبو جامع
مع تواصل الجدل حول مشروع قانون “ضريبة الدخل” المعدل 2018، الذي أقرته حكومة الدكتور عمر الرزاز، والذي يناقش حالياً في مجلس النواب، وسط اعتراضات من نواب بالمجلس واعتراضات نقابية، يستعرض موقع عين نيوز” أهم المحطات التي مر بها القانون منذ العام 2014، وصولاً إلى القانون الذي أقرته حكومة الملقي، والذي تسبب في الإطاحة بها، لتسحبه فيما بعد حكومة الرزاز، وتجري عليه التعديلات التي تخضع للمناقشة…
– قانون جديد لضريبة الدخل لعام 2014:
كانت الحكومة أقرت قانونًا لضريبة الدخل في أواخر العام 2014، قبل أن تجري تعديلا بسيطا عليه في العام الذي يليه، وشمل القانون في عام 2014 تعديلات على نسب الضريبة على الأفراد والشركات، بحيث أصبح الدخل الخاضع للضريبة 12 ألف دينار سنوياً للفرد، و24 ألفاً للأسرة مهما كان عدد أفرادها.
كما نص القانون على اقتطاع ضريبة الدخل بحيث تكون 7% عن كل دينار من أول 10 آلاف دينار فوق الدخل الخاضع للضريبة، و 14% عن كل دينار من الـعشرة آلاف دينار التالية، و 20% عن كل دينار مما تلا ذلك.
وفيما يتعلق بنسب اقتطاع ضريبة الدخل من الشركات والبنوك والأشخاص الاعتباريين، أصبح القانون –آنذاك- 14% عن كل دينار لقطاع الصناعة و24% عن كل دينار بالنسبة لشركات الاتصالات الأساسية وتعدين المواد الأساسية والأشخاص الاعتباريين الذين يمارسون أنشطة التأجير التمويلي وشركات الوساطة المالية وشركات توليد وتوزيع الكهرباء، و 35% عن كل دينار بالنسبة للبنوك، و 20% عن كل دينار بالنسبة لكافة الأشخاص الاعتباريين المتبقين.
وأتى القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل تماشيا مع توصيات صندوق النقد الدولي وذلك لاحتواء العجز وتخفيض الدين العام في المملكة، على أن تتخذ تدابير لتوفير 5ر1 مليار دينار على مدى 3 سنوات.
– حكومة الملقي توضح أسباب وضع القانون:
وفي العام 2018، قامت حكومة الدكتور هاني الملقي، رئيس الوزراء السابق، بتقديم مشروع جديد لقانون ضريبة الدخل، وأوضحت الأسباب الموجبة لمشروع القانون، والتي تتلخص فيما يلي:
1-تغليظ العقوبات على المتهربين ضريبياً وذلك بفرض عقوبات عليهم تصل إلى حد الجناية بدلا من الجنحة وبحيث تكون هذه العقوبات رادعا للمحافظة على التزام المكلفين بدفع الضرائب المفروضة عليهم حسب أحكام هذا القانون بحيث تصبح أحكام القانون تتضمن على عقوبة السجن لمدة غير قابلة إلى الاستبدال بقيمة مالية حتى تكون هذه العقوبة رادعة لمن تسول له نفسه التهرب من دفع الضريبة.
2- استخدام التقنيات والوسائل الحديثة في المعاملات الضريبية بحيث يتم السماح بالتسجيل لدى دائرة ضريبة الدخل والمبيعات وتقديم المواطنين للإقرارات الضريبية ودفع الضريبة إن استحقت من خلال الوسائل الالكترونية وذلك تسهيلاً على المكلفين وتحصيل الضريبة في مواعيدها القانونية على أن يصدر نظام يحدد فيه شروط وأحكام وإجراءات التسجيل.
3- رفع كفاءة التحصيل الضريبي من خلال الالتزام الطوعي بأحكام القانون بحيث يتوجب على المواطنين تقديم الإقرارات الضريبية خلال المدة المحددة بالقانون وذلك تجنبا من الغرامات القانونية إذا كانوا مكلفين.
4- جواز تدوير الخسائر المقبولة ضريبياً ولفترة غير محددة انسجاما مع معايير المحاسبة الدولية في معالجة الخسائر مما يسهل على المكلفين في اعداد وتقديم الاقرارات الضريبية وفقاً للبيانات المالية الختامية التي يتم اعدادها حسب معايير المحاسبة الدولية.
5- توحيد الإعفاءات الممنوحة للمكلفين مما يساعد على تعزيز مبدأ العدالة الضريبية حيث تم التركيز على مساهمة أصحاب الدخول الأعلى في توسيع القاعدة الضريبية.
6- زيادة إيرادات ضريبة الدخل ومساهمتها في الإيرادات العامة وذلك من خلال توسيع قاعدة الخاضعين للضريبة لتكون ضمن المعايير العالمية حيث ان النسب الحالية متدنية للغاية ولا تتعدى 4,5%. حيث ستمكن أحكام القانون المعدل من توسيع قاعدة المكلفين افقياً وعمودياً، حيث ان توسيعها افقياً سيكون من خلال تعزيز الالتزام الطوعي للمكلفين وتقديم المواطنين للإقرارات الضريبية حسب أحكام القانون، وتوسيعها عمودياً سيكون من خلال توسيع شريحة المكلفين من ذوي الدخل المرتفع.
– “الملقي”: “ضريبة الدخل” سيصل بالأردنيين إلى بر الأمان:
وأكد الدكتور هاني الملقي، رئيس الوزراء السابق، عقب إقرار مشروع القانون، على أن قانون ضريبة الدخل هو نهاية الطريق وأن الأردنيون سيصلون عبره إلى برّ الأمان.
وقال الملقي، في مؤتمر صحفي عقب لقائه مجلس النقباء بوساطة رئيس مجلس النواب، بتاريخ 2/06/2018: إن برنامج الإصلاح الاقتصادي انتهى بنسبة 70%، وفي حال جرى إقرار مشروع قانون معدل لقانون ضريبة الدخل بشكل عصري وتوافقي، فإننا نكون وصلنا إلى نهاية البرنامج.
وأضاف الملقي: “إن بعثة صندوق النقد الدولي أنهت دورتها في تقييم الاقتصاد الأردني، وقد كانت النتائج إيجابية”، مشددا على أنه “في حال جرى اقرار قانون الضريبة بشكل عصري وبتوافق جميع فئات المجتمع، فإننا نكون وصلنا إلى نهاية البرنامج، وفي منتصف 2019 نكون قد عبرنا إلى برّ الأمان”.
وحول مطلب النقابات المهنية بسحب مشروع قانون الضريبة، أشار الملقي إلى أن: “ارسال القانون إلى مجلس النواب لا يعني أن يوافق عليه المجلس أو حتى أن يوافق على مادة فيه، هناك أكثر من خيار أمام المجلس”.
ولفت الملقي إلى أن “القانون المرسل من مجلس الوزراء هو مشروع قانون ولا يشترط أن يخرج كما ورد”، مؤكدا على أن النقباء والحكومة اتفقوا على ادامة الحوار حول تعديلات الضريبة.
وبعد صراع ورفض شعبي لمشروع القانون، قدمت حكومة الملقي استقالتها، وجاءت حكومة الرزاز، التي قامت بسحب مشروع القانون، إرضاءً للرأي العام.
– حكومة الرزاز تكشف عن مشروع “ضريبة الدخل” المعدل:
وفي 10 سبتمبر/أيلول 2018، كشف نائب رئيس الوزراء الأردني، رجائي المعشر، عن مشروع قانون جديد لضريبة الدخل يشمل العائلات التي تتقاضى 18 ألف دينار (25.3 ألف دولار).
وقال المعشر، في تصريحات صحافية، إن من أبرز التعديلات على قانون ضريبة الدخل الجديد أنه خفض الدخل للعائلات إلى 18 ألف دينار أردني، نزولاً من 24 ألف دينار أردني حاليا، وللأفراد إلى 9 آلاف دينار أردني بدلا من 12 ألف دينار.
وكان المقترح السابق المسحوب من الحكومة إثر احتجاجات شعبية واسعة، يشمل مجموع الدخل السنوي للزوج والزوجة أو المعيل في العائلة، الذي يبلغ 16 ألف دينار (نحو 22.55 ألف دولار) فأعلى.
وحسب المعشر، فإن دخل الأفراد الذي سيكون خاضعا للضريبة هو ذلك الذي يفوق 9 آلاف دينار (12.6 ألف دولار)، بينما مشروع قانون ضريبة الدخل المسحوب، الذي أعدته حكومة رئيس الوزراء السابق هاني الملقي، يفرض ضريبة على دخل الأفراد عند 8 آلاف دينار (11.2 ألف دولار) فأعلى.
وأوضح، أن القانون الجديد سيعفي البنوك والقطاع التجاري من الزيادة في نسب الضريبة، حيث ستبقى هذه النسبة عند 33% للبنوك، و20% للقطاع التجاري.
وقال المعشر: “لن تتم زيادة الضريبة على البنوك وستبقى عند النسبة الحالية البالغة 33%”، مشيرا إلى أن الضريبة على القطاع التجاري “ستبقى كما هي 20%، كما أن النسب ستتدرج بعد الإعفاء من 5% لتصل إلى 25% على المكلفين”.
وأكد نائب رئيس الوزراء الأردني، أن 90% من مشتركي الضمان الاجتماعي والمتقاعدين العسكريين الذين تقل رواتبهم عن 3500 دينار لن يتأثروا بمشروع القانون، بالإضافة إلى أن كل المهندسين والأطباء العاملين براتب لن تشملهم الضريبة، مضيفا أنه تمت إزالة الإقرار الضريبي لمن هم دون 18 عاما.
وقال: إن صندوق النقد طالب الأردن بمعالجة 100 مليون دينار من التهرب الضريبي و180 مليونا تحصيل ضريبة دخل.
وأضاف أن الحكومة وجدت أن معظم مصادر العبء الضريبي ونسبتها 26% من الناتج المحلي الإجمالي، تأتي من ضريبة المبيعات، وتزيد قيمتها على ضريبة الدخل بثلاثة أضعاف، وهذا يوسع الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
وأشار إلى أن الدراسات الاقتصادية والاجتماعية تقدر التهرب الضريبي بنحو 650 مليونا، ولفت إلى أن مجلس النواب سيد نفسه في معالجة مشروع القانون عند إرساله إليه.
وقال إنه يوجد 2300 مصنع في المنطقة الحرة التزم منها 70 مصنعا فقط بالضريبة، والباقية “لا نعلم عنها شيئا”، وأشار إلى أن الدين الداخلي والخارجي وصل إلى 28 مليار دينار، بنسبة 96% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن الحكومة “ستعطي مرونة للقطاع الصناعي ليتأقلم مع القانون الجديد وسترفع الضريبة 1% على قطاع الاتصالات”.
ولم يستبعد المعشر، في تصريحاته الصحافية، اللجوء لإجراء تسويات في مواضيع التهرب الضريبي شرط دفع المبالغ المستحقة، وتابع قائلا: 280 مليون دينار الأثر المالي للقانون الجديد بما يعادل1% من الناتج القومي الإجمالي.
وأكد المعشر أن قانون ضريبة الدخل يلتزم بالمبادئ الدستورية الثلاثة، وهي التصاعدية وقدرة المكلف على الدفع، بالإضافة إلى توفير التمويل اللازم على الدولة.
– خبراء: قانون ضريبة الرزاز أسوأ من الذي قدمه الملقي
واعتبر عدد من خبراء الاقتصاد أن مسودة مشروع قانون ضريبة الدخل، الذي قدمته حكومة الدكتور عمر الرزاز، أسوأ من الذي قدمه رئيس الوزراء السابق هاني الملقي.
وقال الخبير والباحث الاقتصادي الدكتور فهمي الكتوت، في تصريحات صحفية: إن “القانون الجديد خضع لشروط كبار الرأسماليين وأصحاب النفوذ وخاصة في القطاع المصرفي، وأنه لا يختلف عن القانون السابق الذي قدمته حكومة الدكتور هاني الملقي، وأن هناك بعض التعديلات كانت أسوأ”،
وأضاف: “لا أرى وجاهة في المشروع المقدم حاليا وأن الأسباب التي أدت إلى إقالة الحكومة السابقة هي ما زالت قائمة ولم يجر أي تغيير ملموس، هناك تغيرات طرأت على المشروع تتعلق في الجانب الإجراءات الإدارية عن مشروع القانون السابق، إجراءات فيها قسوة ضد التهرب الضريبي، جرى تخفيف هذه الإجراءات”.
وأوضح الكتوت أن القانون لن يكون له أثر إيجابي على الاقتصاد الأردني، مبديًا استغرابه مما طرحه دولة الرئيس حول مساهمته في تحفيز الاقتصاد، متسائلا: كيف يمكن أن يسهم في تحفيز الاقتصاد؟
وتابع: “هناك اعتراف رسمي بأن ضريبة المبيعات عبء ثقيل على الدولة”، مشيرا إلى أن هذا القانون لم يقدم أي شيء يسهم بهذا الاتجاه، وأنه كان يفترض أن يكون هناك توجه لإعادة هيكلة المنظومة الضريبية إلا أننا لم نلحظ أي شيء ملموس بهذا الخصوص.
وفي نفس السياق، استهجن الكاتب والمحلل الاقتصادي، خالد الزبيدي، حديث اللجنة الاقتصاد النيابية عن إعفاء العائلة لثلاثة أبناء، متسائلا عن سبب عدم منح إعفاء لكافة الأبناء، وإذا ما كانت هذه رسالة للعائلات بأن لا يزيد عدد ابنائها عن ثلاثة، أو عدم تدريس أو علاج أكثر من ثلاثة أبناء.
وقال الزبيدي: إن الحكومة ومجلس النواب مطالبين بإجراء تعديلات على قانون ضريبة المبيعات قبل اقرار التعديلات على قانون ضريبة الدخل، مشيرا إلى أن القانون الحالي أقرّ وفق نظام “الفصال” الذي يستخدمه المستهلك مع التاجر.
كما تساءل الزبيدي عن سبب عدم إعلان الحكومة نسب الفقر لتتمكن من قياس دخل الأسر ومصاريف العائلات الأردنية بدقة، مشيرا إلى أن المواطن الأردني لم يعد قادرا على تحمل مزيد من الضرائب، داعيا الحكومة للتوقف عن التلاعب بالكلمات والأرقام.