عين نيوز – رصد/
من رائف الشياب-اكد خبراء طاقة اردنيون وعرب ان الاسعار العالمية للنفط ما زالت مرشحة لمزيد من الانخفاض الذي طالها بعد منتصف العام الماضي 2014.
ورأوا أن الدول العربية وبخاصة الاردن ومصر ولبنان هم اكثر المستفيدين من هبوط اسعار النفط عالميا، حيث تستنزف فاتورة الطاقة موازنات هذه الدول، ما يمكنها من المضي قدماً في سياسة رفع الدعم وترشيد الاستهلاك.
واكدوا لـ(بترا) ان التوقعات كانت تتحسب لوصول اسعار النفط إلى القاع عند خمسين دولارا للبرميل ثم تأخذ في الارتفاع لتتوازن فوق 80 دولارا، الا ان مؤسسات مالية عالمية راجعت توقعاتها نحو قاع أدنى ربما يقترب من حاجز الأربعين دولارا.
وقال المحلل وخبير الطاقة المصري محمد عيد الاسيوطي انه إذا استمر منحى الهبوط الحالي، يتوقع أن يؤدي انخفاض الطلب مع دخول الربيع والصيف في أوروبا وأميركا الشمالية إلى انهيار الأسعار نحو قاع أدنى من أكثر التوقعات تشاؤما.
واضاف ان شركات الطاقة الكبرى خاصة تلك التي تعمل في إنتاج النفط الصخري عالي التكلفة بدأت بالتحسب لاستمرار هبوط الأسعار وتأثير ذلك على خططها المستقبلية.
ويرى الاسيوطي أن التأثير السلبي لهبوط أسعار النفط على اقتصادات الدول المنتجة والمصدرة ربما يعادله أن الاقتصاد العالمي كان بحاجة لمثل هذا الحافز (وقود رخيص) لتفادي كارثة اقتصادية عالمية جديدة أشد من الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
من جهته، وصف الخبير المالي والمتخصص بسوق عمان المالي خالد الربابعة النفط بانه “روح الاقتصاد العالمي” وبدونه لا حياة لاقتصاد العالم، وارتفاعه او انخفاضه يقلب موازين البلدان وهو ما لاحظناه عند هبوطه بقوة لاقل من مائة دولار.
وفيما يخص توقعات تحركات الأسعار، اوضح الربابعة ان التحليل الموجي للسوق يشير الى إمكانية هبوطه اكثر، فعند الاشارة الى مزيج خام برنت، فانه مهيأ للهبوط الى مستويات الاربعين دولارا للبرميل او اقل، الا اننا لا ننسى ان النفط الخام هو من مصادر الطاقة القابلة للنضوب، ولهذا فان سعره على المدى الطويل مرجح للصعود الى مستويات المئتي دولار، ولهذا يتوجب على الدول المستوردة والمصدرة للنفط العمل ومنذ اللحظة بحثا عن مصادر بديلة للطاقة غير النفط، ولهذا فان مسألة أسعار النفط حاليا وتحركاته ما هي الا تاثيرات مؤقتة وقصيرة الأجل.
المحلل والخبير الاقتصادي في الاسواق الاوروبية اشرف العايدي بين ان الدول التي تنتج النفط بقصد الاستهلاك، لم تتأثر كثيرا كونها تنفق على الطاقة من مواردها الذاتية وابرز هذه الدول الولايات المتحدة الأميركية التي تعد أكبر دولة منتجة وفي الوقت ذاته أكبر دولة مستهلكة للنفط، وهي تستورد رغم أنها تنتج، لكن لتعزيز المخزون الاستراتيجي ليصل إلى مستويات مريحة، ومستوى المخزون النفطي في الولايات المتحدة يعد أحد أهم المؤثرات على تحديد اتجاهات سعر النفط في السوق العالمية.
واوضح ان الدول التي تصدر النفط فإنها حتما ستتأثر كون أبرز أهم مواردها المالية المحلية قد تراجع لأكثر قليلا من النصف في حوالي 4 شهور، وهو ما سينعكس على الناتج المحلي الإجمالي وفرص النمو، وكثير من هذه الدول، لاسيما دول الخليج العربي المصدرة للنفط، أعادت تقدير موازناتها وإيراداتها بناء على المتغيرات التي طرأت على أسعار النفط وقت إعداد مسودات موازناتها في نهاية العام الماضي 2014, وسيكون التأثير بأشده على الدول التي تعتمد كثيرا في هيكل صادراتها على النفط أو المشتقات النفطية.
اما بالنسبة للدول التي لا تنتج النفط وتستورده نفطا بقصد التكرير مثل حالة الأردن، أو تستورده مشتقات نفطية مثل الحالة اللبنانية اوضح العايدي، ان التأثير سيكون ايجابيا بكل تأكيد, فقيمة المستوردات ستنخفض وسيتحسن الميزان التجاري، وسيتحسن الحساب الجاري، وستوجه الوفر نتيجة الفرق في أسعار المشتقات النفطية إلى الادخار أو زيادة النفقات على المستوى الفردي وبالتالي زيادة الطلب على السلع والخدمات وما يتبعها من زيادة الإنتاج وتحقيق معدلات نمو اقتصادي أكثر من المتوقع وما يتبع ذلك من توليد فرص عمل جديدة, لكن هذه الدول ستعاني من تراجع الإيرادات بسبب انخفاض قيمة ضريبة المبيعات المفروضة على المبيعات من المشتقات النفطية، لكن هناك أكثر من فرصة لتعويض هذا الانخفاض بوقف الدعم الذي تقدمه الحكومات(مثل الأردن) للمشتقات النفطية في حال أرتفع سعر برميل النفط عن 100 دولار.
يشار في هذا الصدد الى أن توقعات صندوق النقد الدولي لانعكاسات انخفاض أسعار النفط لن تكون سلبية على اقتصاد دولة تنتج وتصدر النفط مثل إيران التي طورت بدائل لتنويع قاعدتها الصناعية والتصديرية بإنشاء صناعات أخرى توازي الاستثمار في النفط بسبب العقوبات التي فرضها عليها المجتمع الدولي جراء برنامجها النووي، وهو ما شكل واقيا لها من الأزمات التي ولدها انخفاض أسعار النفط، وبالتالي سهل عليها تجاوز أثر هذا الانخفاض.
وفيما يخص التأثيرات المحتملة للأزمة الحالية على مستقبل أسعار الغاز، بين استاذ الاقتصاد في جامعة عمان الاهلية الدكتور محمد الدويري ان الغاز يعد منافسا تقليديا للوقود الاحفوري، لا سيما النفط والفحم الحجري، ليس من ناحية السعر فقط، لكن من حيث كفاءة الإنتاج، إضافة الى كون الغاز صديقا للبيئة مقارنة بآثار النفط والفحم، والفحم البترولي وأضرارهما بالبيئة سواء على الإنسان أو النبات أو طبقة الأوزون.
وأعرب عن اعتقاده بأن انخفاض أسعار النفط لن يؤثر على الغاز ولن يغلق الباب أمام زيادة الاستثمارات في إنتاج واستكشاف الغاز الطبيعي وغير التقليدي، ولن يطوي ملفات الطاقة المتجددة التي أصبحت هدفا استراتيجيا لتنويع مصادر الطاقة ولإنتاج طاقة نظيفة، خصوصا في الوقت الذي بات في العالم يراجع مشروعات إنتاج الكهرباء من المفاعلات النووية بعد حادثة فوكوشيما.
وبين الدويري ان دول مجلس التعاون الخليجي الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) هي لاعب مهم في سوق النفط العالمي، لكنها ليست العامل الوحيد المؤثر في أسعار النفط، مشيرا الى ان الموضوع يتصل في الطلب العالمي ومستوى المخزون في الولايات المتحدة الأميركية، والكشف الجديد عن احتياطات من النفط والغاز، وقدرة العالم على الإنتاج.
وأوضح أن التطورات التي حصلت في سوق النفط في العالم وأدت إلى تراجع الأسعار هي بسبب وصول المخزون الاستراتيجي من النفط في الولايات المتحدة الأميركية إلى مستويات قياسية، وارتفاع إنتاج النفط في السوق العالمية بعد زيادة حصة العراق وليبيا من الإنتاج بعد توقف دام طويلا بالنسبة للعراق ولسنوات قليلة بالنسبة إلى ليبيا، واستقرار مستوى الإنتاج في حوض خليج المكسيك، وفي نيجيريا.
بدوره، توقع الرئيس التنفيذي لشركة تريد سيس لإدارة الأصول في امارة دبي، عمرو عبده، ان تواجه الحكومات عجزا في العام الحالي، وتعتبر سلطنة عمان والبحرين اكثر الدول تأثرا بالسلب رغم تأييد الكويت لموقف السعودية في الإبقاء على معدلات الانتاج لقدرة اقتصادها على تجاوز الانخفاض، الامر الذي لا يعد خيارا للبحرين وعمان لحاجتهما بعدم تخطي سعر البرميل 120 دولارا لتحقيق توازن في موازنتها، اما قطر فتظل بعيدة عن تقلبات اسعار السوق لاعتبار سعر برميل النفط التعادلي الخاص بها منخفض القيمة بسعر 65 دولارا للبرميل.
وتابع انه ينبغي خفض الإنفاق الحكومي غير الرئيسي (السيارات والاثاث المكتبي وميزانيات التدريب الخارجي لموظفي الحكومة), وإعادة تسعير بعض المنتجات الحيوية والتصديرية بما يتوافق مع السعر العالمي, وتأجيل البدء في تنفيذ بعض المشاريع غير الحيوية وغير الضرورية التي تم التخطيط لها مسبقا.
واكد عبده ضرورة تقديم حلول طويلة المدى تتمثل في أن يتحول دور حكومات الدول النفطية الى منافس ومستثمر بالبنوك والشركات، وهذه الخطوة ستعود بالنفع على ايرادات الخزينة العامة على المستوى الاستراتيجي, وان تقوم الحكومات بتعزيز دورها الرقابي عبر سن وتنفيذ حزمة من القوانين، وايجاد بيئة محفزة وحالة تنافسية صحية, وتطبيق سياسات جديدة تستهدف تنويع مصادر الدخل الوطني, والارتكاز في منظومة التنمية على المواطن سواء أكان مستثمرا ام عاملا للاستفادة من الثروات الطبيعية, والبدء في مشاريع الطاقة البديلة الشمسية والرياح, بالإضافة الى مراجعة الدول النفطية لعلاقتها مع بعض الدول والفضاءات الاقليمية بحثا عن شراكات لتحصيل امتيازات اكثر.
الرئيس التنفيذي لجمعية ادامة للطاقة المهندسة هالة زواتي، بينت من جهتها ان اهم الحلول لمواجهة انخفاض أسعار النفط بالنسبة للدول المنتجة تتجلى بتنويع الاستثمارات في الصناعات البتروكيماوية، وتوسيع القاعدة الصناعية لزيادة الصادرات غير النفطية، وعمل توازن بينها وبين الصادرات النفطية حتى لا تتأثر مستقبلا بأي هزات في أسعار النفط, موضحا أن هذا سبيلها الوحيد ليس فقط تراجع الأسعار بل مواجهة حقيقة أن النفط سينضب في يوم من الأيام.
وفيما يتعلق بقرار منظمة اوبك الاخير بعدم تخفيض انتاج المنظمة بينت ان الأمر لا يتعلق بالإنتاج وحده، فالموضوع الأساسي في تحديد السعر هو الطلب, وفي هذه الحالة زيادة الإنتاج عن مستواه الحالي سيزيد المعروض، وسيؤدي بالتالي إلى انخفاض السعر لا زيادته، أما بقاؤه عند المستوى نفسه فسيكون عامل مقاومة لمزيد من الانخفاض وليس دعما لزيادة السعر, فالسر يكمن في الطلب والاستهلاك والمخزون، وليس في تقليل الإنتاج.