الرحلة اليمنية”: تحقيق عميق في وحدة أرض العرب السعيدة

المفكر التونسي الشيخ عبد العزيز الثعالبي

احتضنت العاصمة اليمنية صنعاء فعالية ثقافية تونسية نظمها مركز الدراسات والبحوث اليمني بالتعاون مع سفارة الجمهورية التونسية لاستقراء كتاب ” الرحلة اليمنية ” للمفكر العربي التونسي عبدالعزيز الثعالبي.

وأشاد المستشار الثقافي للرئيس اليمني – رئيس مركز الدراسات والبحوث الدكتور عبدالعزيز المقالح في كلمته في مستهل الفعالية التي عقدت الأربعاء بجهود المفكر والقائد الوحدوي الشيخ عبدالعزيز الثعالبي وسعيه لإعادة تحقيق وحدة اليمن منذ 80 عاماً.

وقال:” لقد كان إعادة تحقيق وحدة اليمن هدفاً كبيراً من اهداف هذا المفكر العربي الجليل الذي حمل على عاتقه تجميع شتات الأمة المبعثرة وإزالة الخلافات بين قادتها وامرائها في خطوات مدروسة وعميقة لإقامة الدولة العربية الواحدة”.

وأضاف:” لم يحدث ذلك منذ عشرين او ثلاثين عاماً وإنما منذ مايقرب من ثمانين عاماً ومنذ منتصف عقد العشرينيات من القرن الماضي بالتحديد”.

وبين أن المواقف القومية المبكرة لهذا المفكر والقائد الوحدوي العربي جسدت الروابط الوثيقة بين مغرب الوطن العربي ومشرقه و كان ينتقل بين الاقطار العربية بلا جوازات ولا تأشيرات.

وأكد أديب اليمن وشاعرها الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح أن اقل ما يجب القيام به في هذه الأيام التي تحتفل فيها اليمن بمرور 20 عاماً على استعادة الشعب اليمني لوحدته ان نحني رؤوسنا إجلالاً وتقديراً للشيخ الثعالبي وللرعيل الرائع من اعلام العروبة والإسلام الذين كانوا ينظرون الى الأرض العربية الممتدة من المحيط الى الخليج بإعتبارها وطنا واحد لأمة واحدة صهرها التاريخ المشترك واللغة العربية الواحدة والثقافة الواحدة 

وأشار إلى أن الشيخ الثعالبي وبقية الرعيل من محمد عبده في مصر الى شكيب ارسلان في الشام وعبدالقادر الجزائري في الجزائر وعبدالكريم الخطابي في المغرب كانوا الرموز النبيلة التي عبرت عن الشعور المشترك والاحساس العميق بوحدة المصير العربي واهمية التمسك بالهوية العربية ليس لمواجهة الاحتلال الاجنبي فحسب وانما لبناء الوطن الواحد المتكامل سياسياً واقتصاديا.

لافتا إلى أن في حياة هذا الرعيل العربي الاسلامي ما يعد نموذجاً نقياً وصادقاً وجديراً بالاقتداء.

وتابع الدكتور المقالح قائلا: ” لقد تمكن الشيخ عبدالعزيز الثعالبي في ظروف بالغة الصعوبة وفي فترة شبه مظلمة من ان يطوف باليمن شمالاً وجنوباً وان يضع الاسس الاولى لاعادة الوحدة اليمنية ومقاومة الاحتلال الاجنبي وقد شمل برنامجه المهم والمثبت في كتابه المسمى بالرحلةاليمانية رؤى وحدوية متقدمة لم تقف عند التنظير الفكري وانما حددت المواقف العملية.

وتجلى خلال ذلك العمل الوحدوي الجليل ما كان يمتاز به هذا المفكر من صبر وقدرة فائقة على الاحتمال والتوفيق بين وجهات النظر واللافت ان تلك المحادثات وذلك الماراثون الوحدوي لم يتم بين شطرين ودولتين وانما بين الامام يحيى حميد الدين في صنعاء وعدد من الامراء والسلاطين الذين كانوا يحكمون الجنوب المبعثر تحت الاحتلال البريطاني”.

ومضى قائلا ” كان على الشيخ الجليل ان يقطع الجبال والوديان مشياً على الاقدام او على ظهور الجمال والبغال والحمير اذ لم تظهر اول سيارة في شمال الوطن الا في منتصف الثلاثينات وكانت مهداة للامام من شركة فورد ولم يبدا في استخدامها الا في بداية الاربعينيات فقد اعتبر بعض المتشددين ركوبها حراماً يخالف مانزل به القران الكريم وما سار عليه حال الائمة عبر القرون!؟”.

واستطرد المستشار الثقافي للرئيس اليمني قائلا: “الخلاصة ان العودة الى هذه الوثيقة البالغة الاهمية بشان المحاولات الاولى لتوحيد اليمن والمحادثات التي تمت في ذلك الوقت المبكر بين الاطراف المعنية يضعنا جميعاً امام جهد عربي فردي حظى باهتمام عدد من مفكري الأمة وقادةالرأي في الوطن العربي وكان في طليعتهم امير البيان شكيب ارسلان الذي كان على اطلاع بمهمة الشيخ الثعالبي و هو ما تأكده الرسائل والاشارات المتبادلة بين هذين المفكرين الكبيرين وهي اشارة واضحة الى تبادل الرأي في شؤون الأمة والعمل على اصلاح اوضاعها وتوحيد صفوفها”.

من جانبه استعرض السفير التونسي بصنعاء توفيق جابر مراحل حياة المفكر والمناضل العربي التونسي الشيخ عبدالعزيز الثعالبي منذ مولده بتونس في العام 1874م ودراسته بجامع الزيتونة والمدرسة الخلدونية ، مشيراً الى ابرز محطات كفاحه وكتاباته من اجل تنوير الرأي العام.

وتطرق الى كتاب الشيخ الثعالبي الرحلة اليمنية وجهوده في تقريب وجهات النظر بين السلطتين في شمال وجنوب اليمن والتي من ضمنها زيارته الى عدن وسلطنة لحج التي استمرت من 29 نوفمبر/تشرين الثاني الى 6 ديسمبر/كانون الأول 1936 فضلاً عن سعيه عام 1926 للمصالحة بين سلطان نجد والحجاز عبدالعزيز آل سعود والامام يحيى حميد الدين ، مبيناً المراحل التي مر بها تحقيق هذا الكتاب.

وكشف السفير جابرعن سعي الشيخ الثعالبي الى عقد مؤتمر يمني عام برعاية الامام يحيى لتركيز اسس الوحدة اليمنية المنشودة حيث تمكن خلال رحلته الى اليمن من 2 أغسطس/آب الى 17 اكتوبر/تشرين الأول 1924 من اقناع كافة الاطراف بالمشاركة في هذا المؤتمر ، مؤكداً القبول المبدئي من كافة الاطراف بالمشاركة إلا ان الخلاف كان على السياسة الخارجية والدفاع عن البلاد بمعنى كانوا يريدون ايجاد نظام”اتحادي”.

وقدمت خلال الفعالية أوراق عمل للدكتور احمد الاصبحي بعنوان ” مشروع الاصلاح السياسي لدى الثعالبي في الرحلة اليمنية ” والثانية للدكتور سمير العبدلي بعنوان ” قراءة اولية في الرحلة اليمنية ، الوحدة اليمنية من منظور اسلامي ” والثالثة لقادري حيدر بعنوان “الضوء على الوحدةاليمنية في كتاب الثعالبي الرحلة اليمنية”.

تخلل الفعالية مداخلة للسفير اللبناني بصنعاء حسان ابي عكر حول المفكرين العرب الذين زاروا اليمن في نفس الفترة مع الشيخ الثعالبي ومقتطفات شعرية لعدد من الشعراء العرب عن الشيخ الثعالبي القتها الدكتورة بلقيس الحضراني.

أخبار قد تعجبك