ورقة التوت الأخيرة

إن العملية لأسطول الحرية المؤلف من جنسيات متعددة  ، كانت مستحقة التنفيذ منذ لحظة وقوف الطائرات والدبابات عن قصف أهالي قطاع غزة  المقتطع من تراب فلسطين وتراب الأمة العربية ، العزل من كل مقومات العيش والإستمرار ، إلا من الكرامة والإباء والفداء ، هذه العملية التي قادها أحرار العالم الشرفاء الذين تجمعوا من كافة أصقاع الأرض ، والذين لا روابط بينهم  سوى رابط واحد فقط ، وهو الكرامة الإنسانية واحترام إنسانية الإنسان  ، وذلك بهدف تعرية أعداء البشرية القابعين هناك كالخفافيش في كهوف الحكومة الكونية الخفية خلف المحيط ، والتي تحاول أن تسيطر على هذا العالم  ، من خلال إستعمارها  الحديث غير المكلف ، وهو الإستعمار الإقتصادي  ،  باستغلال طاقات الأمم والشعوب ، وتسييرها نحو هذه الغاية التي صنعها مديروا هذه الحكومة وحكامها ، التي أصبحت مأفونة ، والتي ورثوها منذ غابر التاريخ ، فابتدعوا كل الأساليب الرخيصة ، والخطط السفلية والظلامية ، على مدى مئات السنين دون كلل ولا ملل ،  للوصول الى هذه الغايات المسمومة ، وفق قناعات مرضية متأصلة في خلاياهم المسرطنه بأورام الحقد والكراهية  للأغيار من شعوب الارض كافة .

   لقد تمكنت هذه العملية المخطط لها بعناية فائقة ، من كشفت عورة الساسة الغربيين ، وعلى رأسهم صناع القرار في أمريكا ، الذين هجنوا في مختبرات  السياسة هناك ، ومن خلال مخططات كانت تحاك من خلال الدوائر الصهيونية في كهوف المكر والدهاء المعتمة ، والتي إعتمدت في إستراتيجيتها ، التركيبة الديمغرافية المتجانسة معها هنالك خلف المحيط ، وهو ذات التركيبة التي نشأت من عصابات القتل والتدمير التي لفظتها دولها قبل مئات السنين ورمتها خلف المحيط أتقاء لشرها وإبعادها عن شعوبها ] المتحضرة [

      ولقناعتي  ومن خلال قراءة تاريخية معمقة وتحليلية ،  فقد  ظهر أن هذا الأمر لم يكن عفويا ولا بعامل الصدفة أن تتجانس الطغمة الحاقدة من عصابات الهاجانا والشتيرن نواة التآمر في فلسطين  وغيرهم سيكولوجيا مع عصابات القمع والتدمير هنالك ، وتنتهج ذات السياسة التي نشأت عليها القوة العظمى الطاغية ، فالتاريخ متشابه حيث قامت العصابات المتشابهة هناك ومنذ أن لفظتها شعوبها ورمتها خلف المحيط  حتى لا تتمكن من العودة والعيث فساد بها ، قد قامت بنفس الدور في أرض الإسراء ، بسحق شعوب تلك الأرض  الجديدة الأصليين  ( والإدعاء بأنهم كانوا بدائيين وغير أدميين ، يظهرونهم بمظاهر الغباء والتخلف كما بدا في  أفلام الغرب الامريكي ) ومن ثم إنشاء حضارتهم العجيبة التركيب على أنقاضهم ذلك الشعب  ، وإن كانت هذه الحضارة مبهرة للأمم الأخرى بتقدمها التكنولوجي والعلمي ، مع الأفتقار للأخلاق والقيم والمبادىء ألإنسانية ، التي لا زالت لها ملامح راسخة في الشعوب الاوروبية ،  رغم الهجمات المتتالية عليها باسم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ،  وإفلات المرأة من عقال حشمتها وأخلاقها وتحويلها الى سلع ، تحت شعارات المساوات وحقوق المرأة ، التي كانت تعيشها بإحترام وتبجيل ، قبل هذه الشعارات ، بإدخال نساء مختارات معتركات السياسة والإقتصاد والتربية ، بعد تلميعهن ، وإظهارهن بصور رائدات ومتنورات وقياديات ،  كل هذه الأمور كان مخطط لها بإحكام من أجل الوصول الى الأهداف  المسمومة التي سبق ذكرها ، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالأجيال الجديدة من شباب الأمم المختلفة في غربها وشرقها وخاصة شباب الأمم المستهدفة    بإلهائها بالقشور والوجبات السريعة والموضات والتفاهات والجنس والمغامرات العصابية  والموسيقات الصاخبة ومواخير السكر والبغاء وإبعادها عن ثقافة الإلتزام القيمي والأخلاقي ، لتصبح بهائم  تأكل وتشرب وتنام ، ولا يتجه تفكيرها إلا من خلال غرائزها وشهواتها ، لتهيم دون أهداف جليلة أو مأرب أصيلة أو طموحات مشروعة ، واستخدموا لتنفيذ أهدافهم كل الأساليب الجهنمية المبتدعة ، من تسييس للرياضة والرياضيين ، والثقافة ومدعيها ، والفنون ومتقني اللعب على حبالها ، من خلال قيادات مبرمجة تنفذ برامجها المخططة بعناية ] بالإستفادة من علم النفس الإجتماعي ، والسياسي ، والتربوي [ على هذه الشعوب تحت شعارات الحرية والديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان حينا وبالقمع والإعتقال والتضييق في أغلب الاحيان وحسب تركيبة الشعوب ومواقعها الجغرافية مستخدمين لذلك كافة وسائل الإعلام ، وأبواقها المستأجرة لها في مختلف أنحاء العالم ، كونها تمتلك كافة هذه الوسائل المؤثرة ، ووسائل نشرها ،  وانتشارها ،  والتقاطها من محطات بث أرضية ، وقنوات فضائية ، وأقمار صناعية ، وتكنولوجيا متطورة ، حصلت عليها بعد تجميع العلماء والعباقرة أو سرقتهم من كافة أصقاع الأرض ، بالترغيب والترهيب ، وبإستخدام المافيات السياسية والإقتصادية والعسكرية ، من خلال سياسات التجويع وخلق القيادات المزيفة ، وإثارة النعرات الطائفية و القومية والعرقية والدينية  في بلدانهم ، وخلق روح عدم الإستقرار بها وعدم تكافؤ الفرص أو إتاحتها لهم  للتفوق لإنعاش وتقدم وتطور بلدنهم .

      إن العالم اليوم يحاجة ملحة وحقيقية للصحوة وإسئصال هذا السرطان المنتشر في خلاياه ، والمحد لتطلعات شعوبه وإنعتاقه من نير العبودية المغلفة بالصور السرابية الزاهية  هذا الكابوس الذي إبتدع كل ماهو مخالف للقواعد والقيم والأديان السماوية والوضعية فابتدع الهولوكوست وقتل اليهود المسالمين في المانيا لتنفيذ مخططاته في الشرق  وصنع الهولوكوست المالي في وول ستريت بنيو يورك لشفط أموال الشعوب والأمم وإستثماراتها بعد تحويل النفط من سلعة استراتيجية الى سلعة وهمية من خلال المضاربات المالية في البورصات العالمية حتي لا تعد الدول المنتجة لهذة السلعة متحكمة بتسعيرها بالإضافة للإطاحة بالبنوك العالمية التى كانت وهمية في حقيقتها ، بعد أن أطاح بالشيوعية التي أنشأها لحين بغية إقامة  الصراع الدولي، بالإضافة لخلق الصراعات في داخل الدول مثل السودان والصومال وافغانستان والعراق ومن قبل فييتنام وكمبوديا وغيرها من الدول للفت الأنظار الدولية عن ما كان يتم في مناطق أخرى أكثر أهمية لهذا السرطان السياسي وهي فلسطين (والشرق الأوسط ) وها هو الأن يلعب لعبة أخرى في منابع النيل.

       كما أن الهندسة السياسية في العالم اليوم أصبحت معقدة جدا لإفتقارها في العديد من الدول الى معرفة المقومات الأساسية للبناء السياسي ، فلم يعد بالإمكان فحص التربة التي يتم بناء الإستراتيجيات اللازمة له ولا كمية مواد التسليح ولا مواد التماسك بين أعضاء البناء  ولا القواعد والجسور والأعمدة المناسبة للتشييد فقد تداخلت عوامل كثيرة بها وجعلتها ضبابية الصورة وغير واضحة المعالم من سيكولوجيا وعلم إجتماع وظروف إقتصادية وقدرة على مسك زمام الامور المالية لكثرة المؤثرات الخارجية والتدخلات والتداخلات بين الدول دون إذن مسبق ولا معرفة في زمن التدخل ولا مدته  أو الاثار المترتبة على ذلك وإنعكاسها على البنى السياسية للأمم ، فاختلط الحابل بالنابل والغث بالسمين والسم بالدسم في كل مناحي العمل اليساسي .

        أن مشكلة القضية العربية في فلسطين وغيرها في الوطن العربي الكبير ، في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة من تاريخها ، يكمن في تحييد قاعدتها الإستراتيجية الفاعلة ، والتي بدونها لن تتمكن من إمتلاك زمام أمرها ، والتي أمتد أمد تحييدها الى ما يزيد على  مائة عام ، فبعد أن  كانت في مرحلة محتلة ، أصبحت فارسة الدونكيشوتية السياسية فخدرث الأمة( المخدرة أصلا ) بحروبها الكلامية الملتهبة وفرسانها الدونكيشوتيين الذين أوصلوها الى ما وصلت اليه ( بالفهلوة ) والمخادعة السياسية ، الى أن  حان وقت إنحنائها وتحويلها الى تابع بنفذ سياسات الأسياد بطواعية وتواطؤ وإستسلام عز مثيله على مدى التاريخ ، حتى بدأت نتهش بعضها ، وكذلك الامر بتحييد النفوذ الإقتصادي العربي الفاعل أيضا وعدم امتلاكه زمام التحكم بخيرات هذه الأمة وتوجيهها نحو رفعتها وإستقرارها ،  ولكن هذه الأمة وإن توسعت مسميات أقطارها وتشعبت دويلاتها فلا زالت  مقومات إاتلافها وعودتها أمة واحدة لا زالت قائمة ما دام فيها نفس بنبض ونهر يجري ونساء تلد أحرار يرفضون التبعية والإنقياد إلا للحق والكرامة ( فالخير في وفي أمتي الى يوم القيامة ) مهما تداعت الأكلة والذئاب على قصعة نفطها وخيراتها   

       أن بذور فناء هذا الأخطبوط المنتشرة أذرعة الماصة ، أصبحت قريبة المنال لكافة الأحرار والشرفاء في هذا العالم بعد أن قاد الطمع والنهم المخططين للسيطرة على العالم ،  من خلال خطأ استراتيجي قاتل ، وذلك منذ تحويل الأسلحة الألكترونية الخبيثة  التي كانت منذ ردح من الزمن سرية ومقتصرة على أدواتهم التنفيذية ، الى سلع تجارية مباحة لكل مستخدم ، وهي الكمبيوتر وشبكته العنكبونية ، والإتصالات الألكترونية المذهلة التي  أحالت العالم الى قرية صغيرة ، قضت على التحكم بوسائل الإعلام ، وجعلتها في وضع لا يمكن السيطرة عليه ، فأصبحت المعلومة متاحة للجميع والحقيقة في متناول كل من ينشدها وصار كشف الزيف والكذب والتضليل أسهل من إحتساء فنجان قهوة من خلال أي حاسوب محمول في أي مكان .

      فيا ليت الأردن بحجم السودان مساحة وأرض الكنانة سكانا وبعض بلدان النفط مالا ؟؟؟؟؟؟؟

        فيا شعوب العرب تنبهوا واتحدوا وتحدوا المصائر المرسومة لكم ولا يكونوا منساقين كالأنعام الى مذبح الرق والعبودية بل تكاتفوا لترتقوا سلالم المجد والأنعتاق وإمتلاك زمام الأمر بكرامه ومروءة  وأخلاق ، كي لا تسقط روقة التوت الأخيرة عن عورة هذه الأمة العظيمة .            

أخبار قد تعجبك