الجنرال سميح البطيخي يخرج عن صمته : بعض الخطوط لم تعد حمراء

# يحب اذاعة خالد الكركي  ويعرض خدماته ” الزراعية”  على الاصدقاء واستعاد عافيته الاجتماعية

# سلة الإحباطات تزايدت ومستوى المسئولين والنخب إنحدر وأي فشل يسحب من رصيد النظام

# بعض مخاوف الترانسفير والوطن البديل مصطنعة لإنها تضمن مقعدا في الأضواء .

# عملية خوست امريكية وليست أردنية والأخطاء بدأت مع وضع القيادة السياسية بالصورة.

# بصراحة لم أكن متسامحا عندما يتعلق الأمر بالمساس بالمقامات  .


-عين نيوز- خاص

لا تظهر عند الجنرال سميح البطيخي أي ملامح اهتمام بفتح صفحات الماضي بعد تسع سنوات قضاها الرجل متقاعدا وبعيدا عن الأضواء,مفضلا التحدث عن  الحاضر والتطلع للمستقبل.

البطيخي يستمتع حاليا بحياته العائلية والاجتماعية ولا يجد ما يمنعه أمام ضيوفه من الاعتراف  بأنه  يستعيد (عافيته الاجتماعية) إذا جاز التعبير.

والجنرال مهتم هذه الأيام بالإشارة إلى شغفه الشخصي بالزراعة حيث يحرص على زراعة كل وردة أو شتلة أو نبتة في حديقة منزله بيديه ويتابعها مستعدا كما يلمح لتقديم استشارات زراعية لمن يطلبها من الأصدقاء والأحباب.

وأيام الرجل عادية كبقية المواطنين فوسط أجواء العائلة وبعد الاهتمام الصباحي بحديقة المنزل وسقاية الأزهار يهتم الجنرال بالتفاعل مع مناسبات المجتمع التي تزايدت بوضوح ودخلت أحيانا كما يلاحظ في مجال المبالغة.

ويقضي وقتا ما بين التقدم بواجب عزاء والمشاركة بفرح وتلبية دعوة لصديق ثم يكثر من القراءة والإطلاع ويسافر بين الحين والأخر ويبدو مهتما بما يحصل في دول الجوار مثل سوريا ولبنان ومصر التي يلاحظ الجنرال أنها في حالة غليان.

بين الحين والأخر يجالس  الجنرال نخبة من  السياسيين والمثقفين  للتداول في الشأن العام مصرا  على  تجنب أي حديث من أي نوع في الماضي مكتفيا عند بروز   أي مبالغات  أو تهويلات بالانسحاب من النقاش خصوصا عندما تتجاوز بعض المبالغات (الخطوط التي كانت حمراء) بالعادة وبالماضي.

وعندما زارته “عين نيوز” وناقشته في الكثير من القضايا التي لم يخصص بعضها للنشر فهمت بأن البطيخي مهتم بصفة خاصة بمراقبة  أداء  المؤسسات الإعلامية في البلاد فهو معجب بالإذاعة التي أسسها الدكتور خالد الكركي في الجامعة الأردنية  وهي إذاعة  يرى أنها ساهمت في رفع مستوى الذائقة والثقافة ولم تتورط  في {ما يطلبه الجمهور) فهي لا تكتفي ببث أغاني فيروز وأم كلثوم وتقدم للمستمع وجبات من الثقافة والفكر والتاريخ.

ووجهة نظر الجنرال هنا أن ما فعلته إذاعة الكركي في الأردنية تستطيع  فعله بقية مؤسسات الإعلام المحلية معربا عن حسرته لمستوى الانحدار الذي يرصده ويتحدث عنه الجميع إعلاميا وسياسيا وأحياناً نخبويا.

ويبدو الرجل مندهشا وهو يستمع للحقيقة التي تقول بان أكثر من 100 موقع إلكتروني تكاثرت في البلاد .. البطيخي لا يتابع كثيرا المواقع الإلكترونية ويسمع عن بعض أمراض الإعلام مثل الشخصنة والابتزاز والتحريض على الكراهية واستهداف كرامات الأفراد ويكتفي بالقول (..  بصراحة لم نكن كذلك في الماضي).

ويفتح الجنرال الشبكة للإطلاع عندما تصله رسالة إلكترونية من صديق تقترح عليه قراءة موضوع ما، لكنه يبدو منفتحا لمناقشة خلفيات ما يصفه بـ (الهبوط العام) في حياتنا السياسية وهو هبوط ينعكس بالضرورة على الصحافة حاليا.

صورة الجنرال على الإنترنت

قبل نحو عامين ظهرت على شبكة الإنترنت صورة الجنرال البطيخي مع  نص خبري يتحدث عن  تأسيس شركة متخصصة بالاستشارات الأمنية على مستوى راق من أبحاث الأمن الإستراتيجية … آنذاك تبين للصحفيين أن صاحب الشركة هو البطيخي  وأنها تستعد للانطلاق لكن بعد أسابيع  ذابت الشركة ولم يحصل  أي تقدم على مسيرتها  وإن كانت صورة الجنرال ما زالت  منشورة على الموقع الإلكتروني المخصص للشركة نفسها.

اليوم تبين أن الجنرال تراجع عن الفكرة  التي كان قوامها تقديم نمط متخصص من الاستشارات الأمنية الراقية لسوق محدد هو دول الخليج  ليس فقط على أساس حاجة السوق للنمط المشار إليه ولكن على أساس  الخبرات  المتاحة عن تجربة مهمة على مستوى المنطقة بحجم  تجربة البطيخي.

لماذا حصل التراجع ؟.. تساءل كثيرون  قبل بروز الوقائع فسوق الاستشارات الأمنية في دول الخليج مغلق تماما على  الشركات الغربية والأمريكية العملاقة التي لا يمكن منافستها والمسئولين في دول الخليج الصديقة  يستمعون بإصغاء واهتمام لأي مقترحات يمكن أن يقدمها رجل بخبرة الجنرال البطيخي ثم يقومون بواجب الضيافة جيدا لكنهم في نهاية الأمر يحيلون (العطاء) للأمريكيين والغربيين.

بالطبع وحسب المعطيات التي جمعتها “عين نيوز” انتهت التجربة مبكرا وتراجع البطيخي عنها بعد التثبت من هذه المعطيات لكنه سمح  لأحد الأصدقاء  بالاستمرار بالشركة والاستمرار باستخدام صورة البطيخي وكلمته الافتتاحية في الموقع الإلكتروني التابع للشركة .

بعض المناطق لم تعد حمراء

يبدو الجنرال البطيخي مهتما  بالاعتراف بارتفاع سقف النقاش والحوار والحريات هذه الأيام قياسا في الماضي، ويلاحظ بأن بعض النقاشات حتى بين نخبة السياسيين والمثقفين  تطال أو تتجاوز  بعض (المناطق الحمراء) التي لم يكن هو وغيره يسمح بها بالماضي مفرقا بين الحرية وإساءة إستخدامها والتعاطي معها.

وهنا يعترف البطيخي بأنه  كان في عصره  الذهبي يشعر بالاحتقان والغضب ويغيب التسامح عندما يتعلق الأمر بأي إساءة من أي نوع للمرجعيات  والخطوط التي كانت حمراء متحديا   إثبات أي واقعة غضب فيها لأسباب تتعلق بالإساءة إليه شخصيا مستعرضا  حالات من هذا الطراز تجاهلها.

ويشعر بالقلق من حالة الانحدار العام في الخطاب السياسي وأحيانا في الأداء والإدارة  رادا الكثير من انفلاتات التعبير عن الاحتقان في  المجتمع الأردني  عبر مظاهر العنف والمبالغة والتشدد إلى اتساع حصيلة (سلة الإحباطات) التي تتزايد عند الناس اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.

رغم ذلك  يبقى الجنرال متفائلا لأنه لا مجال للمقارنة بين الأوضاع في الأردن ومثلها في معظم دول الجوار ولأن الإشكالات مهما تعاظمت بيننا  يمكن معالجتها وحلها بالرغم من توافقه نسبيا مع الرأي القائل بان مستوى النخبة والمسئولين انحدر قليلا قياسا بالماضي أيضا والقائل بأن فشل  النخبة يسحب من رصيد النظام في المحصلة.

وقياسا للجدل الحالي يقترح  البطيخي منح رئيس الوزراء الحالي سمير الرفاعي فرصة العمل معربا عن الاستياء من موضة المبالغات وثقافة الخوف التي طالت حتى بعض كبار الساسة خصوصا  فيما يتعلق  بأوهام الوطن البديل والترانسفير وهي مبالغات مصطنعة عند البعض لكي تضمن له مقعدا في دائرة الأضواء ومخاوف حقيقية عند البعض الأخر.

ويرى البطيخي أن الحرس القديم عموما  يواجه علبة الاتهامات عندما يدلي برأي أو موقف مقترحا عدم وجود رابط بين  عمر الإنسان  وثقافته  وقدرته على تفهم متطلبات العصر والحداثة والشباب.

عملية خوست

في تحليله كخبير لعملية خوست  يتحدث الجنرال البطيخي عن (أخطاء أمريكية) تتجاوز في أهميتها قصة الامتناع عن تفتيش منفذ العملية لحظة الصفر وأهمها  وضع  القيادة السياسية بصورة  تطورات عملية التواصل الاستخباري مع منفذ العملية  فهذا الأمر دفع القيادة السياسية  الأمريكية لاستعجال الأمر والاستعداد  لصيد (سمكة كبيرة) من وزن الدكتور أيمن الظواهري.

ذلك الاستعجال- يشرح البطيخي – يضغط على عناصر الاستخبارات بحيث تستعجل هي الأخرى لتحقيق منجز وانتصار سريع، ومن الواضح أن ذلك حصل مع الأمريكيين في عملية خوست.

أردنيا  لم يكن الخطأ مهنيا بل إعلاميا وسياسيا تمثل في طريقة الإعلان عن العملية في البداية  وعن شهيدنا الذي سقط بالعملية، فدورنا علني في مكافحة الإرهاب وليس سرا لا في الداخل ولا في الخارج، وكان يمكننا أن نحاجج بذلك لأنه ليس حجة على الأردن بل له.

وبهذا المعنى عملية خوست في الواقع كما يحلل البطيخي  لم تكن (أردنية) بل أمريكية وحتى لو وقعت أخطاء أردنية كما قال الإعلام الأمريكي فإنها لا تعفي الاستخبارات الأمريكية من المسؤولية  لأن العملية  لهم وفي قاعدتهم وعبر إدارتهم ودورنا في الإطار يفترض أن ينتهي عامين قبل العملية لأن الأمريكيون استمروا بالاتصال بمنفذ العملية لعامين على الأقل وكان دورنا الترجمة والتواصل  فقط.

وبالمعنى نفسه لا يمكن إنكار الجهد الاستخباري الكفؤ الذي أداره تنظيم القاعدة  بشكل مضاد، فكل المعطيات كانت تدلل على أن منفذ العملية  خلق إطارا من  المصداقية أقنع الأمريكيون مما يشكل دليلا لنجاح الجبهة المضادة التي يمكن أن تكون قد وصلت لمستوى  التضحية ببعض أفراد التنظيم فعلا عبر تحديد مواقعهم  وقصفهم وقتلهم من أجل بناء مصداقية العميل المزودج.

ويضيف  الجنرال: لو  كانت العملية أردنية  لما حصلت هذه الأخطاء فنجاحاتنا في مكافحة الإرهاب يشهد لها الجميع.
وهنا يلفت الجنرال الأنظار إلى أن  منفذ عملية خوست قد يكون بنى مصداقيته كعميل  للأمريكيين عبر تحديد معطيات حقيقية على الأرض  تم تدقيقها واختبارها عبر الأقمار الصناعية وغيرها من أدوات الاتصال مما حرك  (الطمع) بصيد سمكة كبيرة هي الظواهري بشكل يخدم إدارة الرئيس أوباما.

أخبار قد تعجبك