حمل التقرير الذي أصدره مركز حماية وحرية الصحفيين عن حالة الحريات الاعلامية لعام 2008 عنوان (الحريات الصحافية في الاردن.. مكانك سر) لكن التقرير الأخير عن الوضع في عام 2009 حمل عنوان (إلى الخلف در) بعد فترة من المراوحة في نفس المكان بدون تطور كما تقول ملخصات التقرير.
وانجز التقرير بعد استطلاع بحثي شمل 505 من الاعلاميين الاردنيين بمناسبة اليوم العالمي لحريات الصحافة.
وأكد الاستطلاع ان 54 بالمئة من الصحافيين يرون ان حالة الحريات الاعلامية بقيت على حالها ولم تتغير، وتزايد من يعتقدون انها تراجعت لتصل الى 22 بالمئة بعد ان كانت 11 بالمئة عام 2008، ونفس الامر ممن يرون انها تقدمت اذ بلغت 23 بالمئة مقابل 38 بالمئة لعام 2008.
وتزايدت حالة الرقابة الذاتية بين الصحافيين لتصل حسب الاستطلاع الى 95.5 بالمئة، وبلغت نسبة من لا يفعلون ذلك 4.5 بالمئة، وبلغ مؤشر الارتفاع ما يقارب 1 بالمئة وهو ما يعكس ثبات نفس النسب في الاعوام الثلاثة الماضية بما يؤكد انتشار هذه الظاهرة التي اثارت جدلا في الاعوام السابقة حين كشف عنها تقرير حالة الحريات الاعلامية.
وسعى الاستطلاع هذا العام الى محاولة فهم افضل لمعنى الرقابة الذاتية عند الصحافيين، حيث اتفق ما يقارب 77 بالمئة على ان تعريف الرقابة بالنسبة لهم هو ان يتجنب الاعلامي نشر او بث كل ما يعتقد انه يتعارض مع الاديان، ورأى 72 بالمئة بانها الامتناع عن نشر كل ما يخالف القانون، 67 بالمئة راوا بأنها الامتناع عن نشر او بث كل ما يعتقدون انه يخالف العادات والتقاليد، وفسرها 62 بالمئة بالامتناع عن نشر او بث كل ما يعتقدون انه مرتبط بالامور الجنسية، في حين اقر 45 بالمئة انها الالتزام بتوجيهات الاجهزة الامنية، وكان بامكان الصحافيين ان يختاروا اكثر من تعريف.
وتوقف الاستطلاع عند اكثر المواضيع التي يتجنب الصحافيون التطرق لها، حيث اكد 94 بالمئة انهم يتجنبون الكتابة او البث عن كل ما يتعلق بالقوات المسلحة، و84 بالمئة يتجنبون تناول السلطة القضائية والاجهزة الامنية، 83 بالمئة يتجنبون بحث الامور الدينية، 81 بالمئة يبتعدون عن انتقاد زعماء العشائر، 78 بالمئة رجال الدين، في حين يتجنب 74 بالمئة زعماء الدول الصديقة، و73 بالمئة لا يخوضون غمار بحث القضايا الجنسية.
وأظهرت الأسئلة المتعلقة بالتابوهات التي يتعرض لها الصحافيون اثناء ممارستهم لعملهم الصحافي ان التابوهات في الاعلام الاردني تبدو متسقة افقيا وتتداخل اسبابها بين الخوف من المسؤوليات القانونية الى المخاوف من القيم والعادات التي تجنب كل ما من شأنه خلق اية اشكالات للصحافي حتى وان كانت لا ترتب مساءلة قانونية.
وأيد 51 بالمئة من الصحافيين مدونة السلوك لعلاقة الحكومة مع الاعلام، وعارضها ولم يؤيدها على الاطلاق 33 بالمئة واعتبر 42 بالمئة من الصحافيين ان المدونة لا تدعم حرية الاعلام، ووافق 40 بالمئة على انها تدعم حرية الاعلام.
وحين سُئل الصحفيون عن موقفهم من مضامين المدونة، أكد 70% منهم معارضتهم لوقف الحكومة لاشتراكات الصحف، 59% عارضوا تقنين الحكومة لنشر الإعلانات في وسائل الإعلام، وعلى النقيض من ذلك أيد 61% قيام الحكومة بالاستغناء ووقف تعيين المستشارين من بين الصحفيين.
ولأول مرة يسلط الاستطلاع الضوء على واقع الاعلام الالكتروني الذي بدأ يتسع دوره في الاردن، اذ كانت المفاجأة الأبرز ان 90 بالمئة من الاعلاميين يقرون بان المواقع الاخبارية الالكترونية اتاحت للناس مساحة حرة لابداء تعليقاتهم، وفي الوقت ذاته طالب 73 بالمئة منهم ان تخضع هذه التعليقات لرقابة ادارة تلك المواقع.
وتزايدت الشكاوى التي وثقها ورصدها مركز حماية وحرية الصحافيين عن المشكلات والتدخلات والضغوط والانتهاكات التي تعرض لها الصحافيون خلال عملهم عام 2009.
ورغم الموقف الإيجابي للصحفيين من دور الإعلام الإلكتروني إلا أن ما يقارب 70% أيدوا إصدار قانون جديد مستقل لتنظيم عملها، و28% عارضوا ذلك.
وطالب 51% من الصحفيين الذين عارضوا إصدار تشريع خاص في الإعلام الإلكتروني أن يتم تنظيمه وفقاً لمدونات السلوك المهني، في حين وافق على أن تنظم وفقاً لقانون المطبوعات 33%، و13% وفقاً لقانون العقوبات، وفي كل الأحوال لم يؤيد 72% من هؤلاء أن يترك الأمر دون قيود تنظيمية أو مهنية.
والجديد في استطلاع الرأي أن 21% من الصحفيين المُستطلعين اعترفوا بأنهم تعرضوا لمحاولات احتواء وإغراء أثناء ممارستهم لعملهم الإعلامي، في حين قال 57% منهم أنهم سمعوا عن صحفيين تعرضوا لمحاولات الاحتواء،وبالربط بين من أقر من الصحفيين أنه تعرض للاحتواء مباشرة وبين من سمع عن آخرين ترتفع هذه النسبة بشكل مقلق، وأوضح الاستطلاع أن 43% من الصحفيين أشاروا إلى أن الحكومة ومؤسسات شبه حكومية هي من قامت بمحاولات احتوائهم، وكانت أكثر أشكال الاحتواء شيوعاً هي الحصول على هبات مالية أو هدايا 53.3%، والمفارقة الغريبة أن 77% من الصحفيين يعتقدون أن هذه الإغراءات لم تؤثر على توجهاتهم خاصة إذا ما ربطت وقورنت بتأكيد 64% من الصحفيين أن الحكومة تقوم بذلك لكسب ولائهم.
وتصدر قانون محكمة أمن الدولة القوانين الأكثر تقييداً على حرية الإعلام 85% يليه قانون المطبوعات 84% و81% للعقوبات، في حين تزايد بشكل ملفت من ينظرون لقانون نقابة الصحفيين على أنه يضع قيوداً على حرية العمل الإعلامي ليصلوا إلى 61.6%.